مبدأ التربية الاسلامية من خلال سورة العمران أية 18-19

الأية الكريمة:

شَهِدَ اللهُ اَنَّهُ لآاِلَهَ اِلاَّهُوَ وَالْمَلاَ ئِكَة وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَآئِمًا بِالْقِسْطِ لآَ إِلَهَ إِلاَّهُوَ الْعَزِيْزُ الْحَكِيم .

إِنَّ الدِّيْنَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلاَمُ وَمَااخْتَلَفَ الَّذِ يْنَ اُتُوا الْكِتَابَ إِلاَّمِنْ بَعْدِ مَاجَآءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِئَا يَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيْعُ الْحِسَابِ .

تفسيرالأية الكريمة:

شهدالله (وإن لم يشهد أحد غيره),  أنه لااله هو والملائكة ( يشهدون بذلك), وألوالعلم (والنبيون والمؤمنون يشهدون بذلك),  قائما بالقسط (يعني الله قائماً بالعَدْل على كل نفس), لاله الا هو العزيز (بالنقمة لمن لا يؤمن به), الحكيم (أمر أن لا يعبد غيره) .

انّ الدّين (المرضي وهو التوحيد والتدرع بالشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم),  عندالله الاسلام (ويقال شهد الله أن الدين عند الله الإسلام مقدم ومؤخر وشهد بذلك الملائكة والنبيون والمؤمنون . نزلت هذه الآية في رجلين من أهل الشام طلبا من النبي صلى الله عليه وسلم أي شهادة أكبر في كتاب الله فبين الله ذلك فأسلما), ومااختلف اللذين أوتوالكتاب (أعطوا الكتاب يعني اليهود والنصارى في الإسلام ومحمد أو من أرباب الكتب المتقدمة في دين الإِسلام),  الا من بعدما جاؤهم العلم (بيان ما في كتابهم)
بغيا بينهم (حسداً بينهم وطلباً للرئاسة ، لا لشبهة وخفاء في الأمر), ومن يكفر بأيت الله (بمحمد والقرآن), فإنّ الله سريع الحساب (شديد العقاب ثم ذكر خصومتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في دين الإسلام و وعيد لمن كفر منهم)

شرح الأية:

ما تشير من هاتين الآيتين أن بُعْد التوحيد فى الاسلام جوهرالمبدأ الحياة للمسلم وأهمية منزلة العلماء أو أولواالعلم بالنسبة للاسلام ودورهم فى بناء الثقافة الاسلامية من ناحية, وظلال الأمة الذين لايتبعون سيرالاسلام من ناحية أخرى. وهو أساس النجاة فى الدنيا أم فى الأخرة, فى الأجل أم فى العجل على حد سَوَأ. ومن أبرازمحتويات التى يتضمن هاتين الأيتين سر مبدأ التربية الصحيحة السليمة لأجيال المسلمين عبرالعصور من حيث العقيدة أولأ قبل كل شئ من نواحى مبدأ التربية الاسلامية الأخرى. أن التربية الصحيحة فى منظورالاسلامي القائمة على أساس المنهج أو المبدأ الاسلامى, المستمدة من الأصول, المستفدة من غيره دون الاءخلال بأصول, هى التى تبنى الانسان العامل, هى الذى يبنى نفسه من خلال تغيرها, و يبنى المجتمع من خلال تغيره, ويعبر الحاضر الى المستقبل, ويعيده لللأمة اشراقها وتأثيرها الانسانى فى العالم.

كما نستطيع أن ننظر بعين اعتبار فى تراث المسلمين أن تطبيق هذا المبدأ قد بدأه الرسول ص.م . بتكوين العقيدة قبل نزول الأحكم الشرعية التفصيلية. كما طوال عهده فى مكة على غرس مبادئ العقيدة فى نفوس أصحابه وذلك بهدم العقائد الباطلة وتطهير العقول والقلوب منها أولا, ثم بغرس العقيدة الصحيحة فى نفوسهم, ومن ثم العمل على زيادة ايمانهم بالوسائل المختلفة. وفى ضوء هذا سر المبدأ التربوية كَوَّن الرسول رجالا عظاما تكوّنت منهم أمة قوية استطعت أن تطبق النظام الاسلامى بأصنع وجوهه.

من تللك العبرة وجب على كل المربين فى عملية تعلمهم أن يتركز على جوانب العقيدة المؤثرة قبل أن يدخل فى شتى المواد الذى سيدرسه أمام الطلاب أو الطالبات,وذلك لكى لا يصيبون أزمة الايمان أو مشكلة الايمان فى نفوسهم , وابعادهم عن روح الاءالحاد الذى هدمه الدين من أساسه. وأهم تللك الجوانب بيان الصفات التى تصوره الله فى حالة قريبة من الانسان بحيث يراه ويراعاه. منها: الايمان بالله باعتبار أنه خالق الكون والانسان, والايمان بالحياة الأخرة وأنها هى الحياة السعيدة - بمعنى الكلمة-, والايمان بأن القوانين التشريعة التى أنزلها الله صادرة عن ارادة الهية لتنظيم حياة الانسان على أكمل وجه, وغيرها من سائر العقيدة التى تتعلق بالتصور الاسلامى للانسان والكون والحياة – وللمرتبطة بالموقف الحضارى للأمة المسلمة.

واذا كانت بعض العلوم كالكمياء والفيزياء والفلق والطب والهندسة وغيرها من العلوم والفنون ارثا انسانيا مشتركا ساهمت فى ايجادها وتطويرها المجتمعات المختلفة وبامكان كل مجتمع أن يستفيد من تطبيقاتها دون حراج, فاءن المسلم لايملك أن يتلقى فى علوم أخرى تختص بحقائق العقيدة, أو التصور العام للوجود, أو بالخُلق و السلوك والقيم, أو تختص باالمبادئ والأصول فى النظام السياسي أو الاجتماعي أو القتصادى, الا من ذلك المصدر الرباني المرتبط بالعقيدة المطبق لتعاليم القرأن و السنة المطهرة. كما أن حقيقة الاسلام كانت هى القوة الكامنة وراء أفكار المربين المسلمين ممثلا من القيرونى والغزالى وابن خلدون و ابن حجر الهيثمي وغيرهم, كلهم نهلوا من معين الاسلام وصدروا عنه.

وعليه فكل نهضة اسلامية تحتاج الى جيل مسلم أُعدّ اعدادا تربويا خصا على المبادئ ذاتها التى قررها رب العزة وبيناها كتابه الكريم وطبقها رسوله الأمين ص.م. وتعلمها بالتوجيه والقدوة الجيل الاسلامى الأول.

والله أعلم بمراده
والله الموفيق.

مصادر التفسير

 تفسير الطبرى ,  تفسير البغوى ,  تفسير فتح القدر للشوكانى ,  تفسير المنسوب لابن عباس ,  تفسير للسمرقندي ,  نقل هذا الكتب جميعا من مجموعة المكتبة الشاملة.